نقرأ في هذا الكتاب أحد عشر عملاً فنيّاً من سوريا ما بعد ٢٠١١ . لكن ماذا يستطيع أن» ... لكن أن نقول Lees verder
يفعله عملٌ فنيٌّ في بلدٍ مدمَّر؟ لسوء الحظ، لا شيء تقريباً... لكن أن نقول
فعلى الرغم من انهيار الآمال الكبيرة، يبقى على الفنانين أن ،» لا شيء « لا يعني أن نقول
يبتكروا جماليّاتٍ خاصّة بعالمهم المحطّم، نراها مثلاً في فنّ الترسيمة المضادة، وأسلوب
القتامة الكليةّ، وأشكال الانحطاط الطيفيّ التي يعملون عليها. ومع هذه الانزياحات الجماليةّ،
ممكناتٍ جديدة، في » حرتقة « تقدّم أعمالهم أيضاً مبادئ لفعلٍ مفاجئ، إذ تطرح مساحةً ل
واقعٍ يستهدف، أوّل ما يستهدف، فكرة الممكن بالذات. هكذا، يجرؤ الفن على اتخاذ
مواقف غير متوقعةٍ تجاه المبدأ المدمِّر وتجاه أولئك الذين يحلّ بهم هذا التدمير في وجودهم
وأجسادهم وأشلائهم. لذا يشكّل الحدث الجماليّ في ذاته حدثاً أخلاقيّاً حين يعمل على
خلخلة التماهي الذي يسود مخيلّتنا الجريحة: تماهٍ مع واقعٍ تجلس فيه الوحوش على عروشها
إلى الأبد، وفيه يفقد المظلومون كلّ كرامة، وتحرم ذكريات الموتى حتّى من بقايا أجسامهم
ويستحيل فيه الحداد. من تقديم هبةٍ مستحيلة إلى ابتكار جثامين للموتى المغيبّين، مرورا بتحويل المرذول إلى مقدَّس، يتأسّس هذا الفعل الأخلاقي الذي نقاربه هنا من منظورٍ فلسفيّ.